بقلم / سليم الحسني
ملاحظة استوقفتني في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تلك هي رغبته في مصارحة الشعب، لقد قطع خطوته الأولى بهذا الاتجاه، حين وجّه اداناته للحكومات السابقة وللسياسيين المتحكمين بمقدرات الدولة.
لفتت نظري هذه الملاحظة، لأن الكاظمي ظهر بهيئة الرجل الذي لا يحتاج الكتل السياسية لكي يتحالف معها أو يرضي قادتها. فمرحلة تشكيل الحكومة قد انتهت بتوافقاتها وتوازناتها، وقد حان وقت المسؤولية المباشرة التي يتحملها وحده. وهو في كلامه هذا يبدو وكأنه أخذ استعداده لخوض معـ.ـركته مع الكتل السياسية. ولو فعل ذلك فانه سينتصر، فلقد فشل الذين سبقوه لأنهم أرادوا الاستقواء بالكتل السياسية فخرجوا خاسرين مهزومين أمام تحكّم القادة.
كان الكاظمي مباشراً في كلامه، لم يكن وراء المنصة رجل سياسة، ولا شخصية دبلوماسية، لقد وقف بهيئة الإداري الذي يريد ان ينجح بالمهمة. وهذه إثاارة جديدة تختلف عن الماضي، فقد كان رؤساء الوزارات السابقة يتحدثون على انهم أصحاب مشاريع سياسية ورؤى استراتيجية ستُحدث النقلة العظمى في العراق، لكن الأمر ينتهي الى مزيد من الفشل والتـ.ـدهور والفساد.
الكاظمي بمؤتمره الصحفي، كان صريحاً وواقعياً، لم يرشقنا بالوعود الكبيرة، ولم يملأ الفضاء بالآمال العريضة. لقد أكد على مهام محددة عليه القيام بها خلال فترته القصيرة التي تدوم لسنة ونصف على أبعد تقدير.
لا أريد الاسترسال مع الآمال في المواضيع الأخرى التي تناولها الكاظمي في مؤتمره الصحفي، فهذه مهمة المحللين والبرامج التلفزيونية، أما دوري ـ وهذا دور الكتّاب ـ هو الحضور الدائم في موقع الرصد والمتابعة والنقد
سننتظر من الكاظمي إجراءاته الإصلاحية، وفي مقدمتها محااا ربة الفساد. فهذه هي النقطة المفصلية التي نقيس عليها اداءه الحكومي. والمواطن العراقي لا يهتم بموضوع آخر أكثر من اهتمامه بهذه النقطة. لقد سـ.ـرق الرؤساء والوزراء وقادة الكتل والنواب والمسؤولون ثروة الشعب العراقي، فوصل الحال الى هذا البؤس وكأن العراق أحد دول المجاعة في أفريقيا. ولو أن الكاظمي استطاع أن يكشف بعض الفساد الهائل الذي ضـ.ـرب البلاد، ويستعيد قسماً من المليارات الكثيرة المسروقة، لتحسن وضع المواطن بعض الشيء.
الكاظمي كان صريحاً، والمطلوب منه أن يستمر بهذه الصراحة. قد تبدو هذه السطور حـ.ـذرة في صياغتها، وهذا صحيح. ليس هو التشااؤم، لكنه الحـ.ـذر الذي صار مطلوباً مع كل رئيس وزراء جديد.