بغداد/ سكاي برس
بعد ان ناقش مجلس النواب العراقي مشروع قرار جديد حول "جرائم المعلوماتية" تمهيدا للتصويت عليه، وصفت منظمات حقوقية دولية وعراقية بأنه يمثل تراجعا خطيرا لحرية التعبير في العراق، و دعت الى سحبه وتنظيم مشاورات مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت تضمن احترام حقوق الإنسان الأساسية .
وطالب مركز حقوق العراق لدعم حرية التعبير في بيان صحافي، مجلس النواب بــ"عدم تمرير قانون جرائم المعلوماتية"، محذرا من انه سيقيد حرية التعبير في البلاد بسبب بعض مواده التي لا تتناسب مع حجم الأفعال التي قد ترتكب في مواقع الإنترنت.
واشار المركز الى انه في الوقت الذي يسجل فيه الكثير من الملاحظات على مشروع قانون جرائم المعلوماتية، فإنه يخشى من تشريع القوانين "المبطنة" بعقوبات شديدة وبمواد ذات تفسير متعدد تهدف لإنهاء الأصوات التي تنتقد أداء السلطات أو توقف حرية التعبير في مواقع التواصل الإجتماعي وشبكة الإنترنت.
ودعا مركز الحقوق إلى إخضاع مشروع القانون إلى النقاش العام من خلال تعزيزه من قبل المتخصصين في مجال حرية التعبير للمساهمة في إرساء الديمقراطية، ليكون قانونا رصينا لا أداة تخويف رسمية يستخدمها المسؤولون متى ما شاؤوا.
كما اعلن اعلاميين عراقيين احتجاجهم على تشريع مثل هكذا قانون، منهم الاعلامي، عدنان الطائي، الذي غرد قائلا : وفقا لقانون الجرائم المعلوماتية الجديد، يعاقب بالسجن المؤبد كل من يحاول تكدير صفوا النظام السياسي بالعراق .
ووقع البيان منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والمعهد الدولي للصحافة والجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين والشبكة العراقية للإعلام المجتمعي، ومنظمة اكسس ناو والمرصد العراقي لحقوق الإنسان، اضافة الى منظمة منَا لحقوق الإنسان ومنظمة القلم الدولي ومركز القلم العراقي.
وعبرت هذه المنظمات في رسالة الى البرلمان العراقي عن قلقها العميق بشأن إعادة عرض مشروع "قانون الجرائم المعلوماتية" على مجلس النواب علما بأنه سبق وأن طرح على المجلس لقراءة أولى في 12 يناير 2019.
كما اعربت عن قلقها "لأن النص المنشور يمثّل نسخة معدّلة قليلاً لمسودة تعود لسنة 2011، والتي تعرّضت لانتقادات واسعة من قبل منظمات المجتمع المدني، لاسيما وأن القضايا الأساسية لا تزال قائمة. واوضحت أن رئيس مجلس النواب السابق كان قد وافق رسميا في 6 فبراير 2013 على طلب تقدمت به اللجنة البرلمانية للإعلام والثقافة لسحب النص لأنه يشكل "تراجعا لحرية التعبير في العراق".
واشارت هذه المنظمات الى انها تدرك "ضرورة تبني تشريع بشأن الجرائم الإلكترونية" إلا انها نبهت إلى أنه في حال سن هذا القانون في صيغته الحالية يمثل في الأصل تراجعا خطيرا لحرية التعبير في العراق، ويؤسس للرقابة الذاتية في البلاد .
واعربت عن انشغالها خصوصا بشأن المواد 3 و 4 و 6 التي تنص على معاقبة أفعال مبهمة وغير واضحة، والتي يمكن أن تندرج في إطار الحق في حرية التعبير وذلك بالسجن مدى الحياة وغرامات مالية ثقيلة". واوضحت ان نص مشروع قانون المعلوماتية يتضمن مصطلحات فضفاضة وغير موضوعية تفتقر إلى الوضوح القانوني والقدرة على التنبؤ من قبيل "المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا" أو "إثارة النعرات المذهبية أوالطائفية أو الفتن أو تكدير الأمن والنظام العام أو الإساءة إلى سمعة البلاد".
واكدت معارضتها لاحكام أخرى صيغت بطريقة مبهمة من شأنها أن تمنح سلطة تقديرية واسعة للسلطات، مما يسمح لها بقمع الحق في حرية التعبير.. موضحة انه على سبيل المثال تعاقب المادتان 21 و 22 "كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الدينية أو الأخلاقية أو الأسرية أو الاجتماعية أو حرمة الحياة الخاصة" أو أفعال تخالف"الآداب العامة والأخلاق" اضافة إلى ذلك، فإن هذا الحكم يعاقب بالسجن لمدة أقصاها سنتان أي شخص أدين بـ "القذف والسب".
وذكرت هذه المنظمات بأن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد أوضحت في تعليقها العام رقم 34 أن العقوبات الجنائية على "التشهير" لا تتناسب مع الممارسة الفعلية للحق في حرية التعبير.
واشارت المنظمات الى أن هناك أحكاما أخرى، بما في ذلك المادة 18، تنتهك الحق في الخصوصية والمعلومات، ويمكن أن تعيق أنشطة المبلغين عن المخالفات. وحذرت من أن القانون سيؤدي إلى خوف مستخدمي الإنترنت من ممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية على الشبكة، وسيفرغ الحق في حرية التعبير من جوهره، كما سيؤثر القانون على المدى البعيد على حق التمتع بحرية تناقل المعلومات وكذلك الحق في المشاركة في الشؤون العامة في العراق.
واشارت الى ان الحق في حرية التعبير مكفول بموجب المادة 38 (1) من الدستور العراقي، وكذلك المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي دولة العراق طرف فيه.
ودعت مجلس النواب العراقي إلى سحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية في صيغته الحالية، وتنظيم مشاورات، بما في ذلك مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت مع ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية وحريات الجميع في العراق.