سكاي برس/ بغداد
بقلم /ظافر العنزي
في مشهد يعكس أقصى درجات التناقض، خرج البعض مستنكرًا إغلاق المساجد في يوم العيد، وكأنها آخر معاقل الإيمان التي تم استهدافها، بينما هم أنفسهم أصرّوا على الاحتفال بالعيد وفقًا للتقويم السعودي، متجاهلين كل الأدلة الشرعية والفلكية. المفارقة الصادمة أن السعودية ذاتها، التي هرولوا خلفها في تحديد العيد، لا تمنح أئمة المساجد حرية اختيار خطبة الجمعة، بل يتلقونها جاهزة يوم الخميس، دون أن يجرؤ أحد على مخالفتها ولو بكلمة.
لكن لنتخيل للحظة لو أن هذا الجدل وقع هناك، لو أن مجموعة صلّت العيد في غير يومه، أو شككت في قرار رسمي صادر من الدولة، ماذا كان سيحدث؟ الجواب واضح: العقوبة ستكون قاسية وربما تصل إلى الإعدام، بينما في أماكن أخرى، يصرخ هؤلاء أنفسهم بـ”حرية العبادة” عندما يُطلب منهم الالتزام بإجراءات مؤقتة. إنها ازدواجية صادمة، حيث يصبح الدين أداة في يد الهوى السياسي، وتتحول المساجد من بيوت عبادة إلى ساحات للمزايدات والانفعالات الموسمية.
المسألة هنا ليست خلافًا فقهيًا ولا جدلاً شرعيًا، بل هي انعكاس لنمط تفكير اختزل الدين في الطقوس فقط، وتجاهل جوهره القائم على العقل والاتساق. هؤلاء الذين يرفضون الاعتراف بحقائق الفلك والشريعة معًا، ثم يتباكون على المساجد، هم أنفسهم من يبررون مصادرة الخطاب الديني عندما يناسبهم، ويثورون فقط عندما يشعرون أن التحكم فيه لم يعد بأيديهم.