Skip to main content

بعد عشر سنوات من الحروب.. الأسد يتجه لولاية رئاسية رابعة

عربية ودولية الأربعاء 10 آذار 2021 الساعة 18:53 مساءً (عدد المشاهدات 2268)

سكاي برس /

على الرغم من الدمار والموت والتشرد الذي تشهده سوريا منذ عقد من الزمن، صمد رئيسها بشار الأسد في وجه الثورة والعزلة والحرب والنقمة. بعد عشر سنوات من اندلاع تحركات شعبية ضده، يستعد مجددا بعد أشهر لخوض غمار انتخابات رئاسية تبدو نتائجها محسومة لصالحه.

 

على الطرف الآخر فشلت المعارضة على اختلاف مكوناتها بتوحيد صفوفها وتقديم بديل جدي عن النظام. وعلى وقع خسائر ميدانية متتالية، بات صوتها خافتا وقياداتها مشتتة وتتحرك وفق أجندات داعميها.

 

قبل عقد من الزمن، انطلقت ثورات شعبية في عدد من الدول العربية ضد التسلط والقمع والفقر. وأطاح الغضب برؤساء وأنظمة دكتاتورية حكمت بلدانها بقبضة من حديد لعقود، وإن لم تأت دائما بالحرية والرخاء المنشودين.

 

سقط بن علي ومبارك والقذافي.. وصمد الأسد

 

وحده الأسد الذي تنبأ كثيرون بأنه سيسقط تحت ضغط الشارع بعد أسابيع من بدء الانتفاضة الشعبية ضده منتصف آذار/مارس 2011، احتفظ بمنصبه. ويقول خبراء وسياسيون إنه استفاد من تقاطع عوامل داخلية أبرزها تحكمه بالقوات الأمنية والعسكرية، وخارجية على رأسها تلكؤ الغرب في استخدام القوة ضده، مقابل دعم عسكري حاسم من إيران ثم روسيا، ليبقى. يضاف إلى ذلك الصبر واستثمار لعامل الوقت مشهود لهما في عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ بداية سبعينيات القرن الماضي.

 

عند انطلاق الاحتجاجات السلمية، اختار الأسد قمعها بالقوة. وسرعان ما تحولت نزاعا مدمرا فاقمه تصاعد نفوذ التنظيمات الجهادية وتدخل أطراف خارجية عدة ساهمت في تعقيد المشهد. وصنف الأسد كل من حمل السلاح ضده بـ"الإرهابي".

 

وأسفرت عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر من 380 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان. وتسيطر القوات الحكومية اليوم على نحو ثلثي مساحة البلاد، فيما يعاني الشعب من أزمة اقتصادية حادة مع نضوب موارد الدولة وتداعيات عقوبات دولية مفروضة على النظام وأركانه.

 

ورث عن والده الطباع الباردة والشخصية الغامضة.. والصبر

 

ويرى محللون أن الأسد الذي خلف والده الراحل حافظ الأسد عام 2000، ورث عنه الطباع الباردة والشخصية الغامضة، وتتلمذ على يده في الصبر، ولعب ذلك دورا أساسيا في "صموده".

 

ويقول السياسي اللبناني المخضرم كريم بقرادوني لوكالة الأنباء الفرنسية: "بعدما طالب العالم كله برحيله قبل سنوات وظن أنه سيسقط، يريد اليوم أن يجد الحل معه. لقد عرف الأسد كيف يستثمر عامل الوقت".

 

فمنذ اندلاع النزاع، لم يتوان الأسد في أي تصريح عن إبداء ثقته الكبيرة بالقدرة على الانتصار حتى في أكثر لحظاته ضعفا.

 

"لم يتراجع الأسد أي خطوة إلى الوراء"

 

ويضيف بقرادوني الذي لعب لوقت طويل دور الوسيط بين النظام السوري وأطراف لبنانية خلال الأزمات التي شهدها البلدان: "لم يتراجع الأسد أي خطوة إلى الوراء. تمسك بكل مواقفه من دون أي تعديل. وتمكن من أن يسترجع بالقوة العسكرية معظم الأراضي السورية".

 

وأثبت الجيش السوري، وفق بقرادوني، "أنه جيش عقائدي ونظامي تمكن من الاستمرار وحماية النظام في أسوأ الأوضاع ولم ينقلب عليه كما في دول أخرى، وهذا ما جعل الأسد نموذجا استثنائيا فيما يعرف بثورات الربيع العربي".

 

وبقي الجيش الذي يشكل أبرز أسلحة الأنظمة الديكتاتورية، متماسكا ومواليا لنظام الأسد، على الرغم من انشقاق عشرات آلاف العسكريين عنه في بداية النزاع، ما منح الأسد فرصة ذهبية للصمود، بخلاف رؤساء عرب آخرين استقال بعضهم أو فر أو قتل تحت ضغط الشارع.

 

"استمرار ولاء قيادة الجيش بأقارب الأسد وأتباعه"

 

ويرى الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي توما بييريه أنه يمكن اختصار العوامل الداخلية التي ساهمت في بقاء الأسد في السلطة بعنوان واحد "استمرار ولاء قيادة الجيش التي تعززت خلال عقود بأقارب الأسد وأتباعه" من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها. وشكل هؤلاء "على الأرجح أكثر من ثمانين في المئة من الضباط في العام 2011 وشغلوا كل منصب مؤثر عمليا" داخل الجيش.

 

ويقول باحث سوري في دمشق تحفظ عن كشف اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية: "لا يمكن إنكار دور شخصية الأسد في بقائه، وما يعرف عنه من إصرار وصرامة. فقد تمكن من حصر القرارات كافة بيده وجعل الجيش معه بشكل كامل".

 

في أثناء ذلك، لم تفرز بنية النظام شخصيات قيادية يمكنها أن تلعب دورا بارزا في مواجهته، لا بل "قطعت الطريق على أي شخصية حاولت أن تبني حيزا لها" في مستقبل البلاد، بحسب المصدر ذاته.

 

"فشل" أمريكي

 

وراهن الأسد على تركيبة المجتمع المعقدة مع وجود انقسام عرقي بين عرب وأكراد، وطائفي بين سنة وعلويين وأقليات، أبرزها المسيحية، رأت فيه حاميا لها خصوصا مع تصاعد دور التنظيمات الإسلامية والجهادية.

 

ويعتبر الباحث السوري أن الأسد "استفاد من خوف الناس من الفوضى ومن خوف بيئته (العلوية) على وجودها في حال سقوطه، ما جعلها تستميت في الدفاع عنه دفاعا عن وجودها. كما استفاد من غياب قوى سياسية فاعلة وفقدان الأمل من دور المعارضة".

 

في شباط/فبراير 2012، وبينما كانت قوات الأسد تخسر على الأرض، تشكلت مجموعة "أصدقاء سوريا" التي ضمت دولا غربية وعربية داعمة للمعارضة السورية. ثم اعترفت أكثر من مئة دولة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي وحيد للشعب السوري.

 

فشل المعارضة في تشكيل جبهة موحدة

 

وبدا الأسد في تلك الفترة رئيسا معزولا مع تصاعد المطالبات بتنحيه، في وقت جمدت جامعة الدول العربية عضوية سوريا فيها، وفرضت دول غربية عقوبات على النظام بسبب ممارسات القمع. بدا الأسد حينها على وشك السقوط.

 

إلا أن خصومه لم يتمكنوا من تشكيل جبهة موحدة، لا في الداخل ولا في الخارج.

 

مع عسكرة النزاع، تعددت الفصائل المقاتلة التي كانت تتلقى دعما من جهات ودول مختلفة لها أجندات خاصة. ومع ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" وتحكمه بمساحات واسعة من البلاد، تبدد مطلب الحرية والديمقراطية وراء الرعب. وبشكل غير مباشر، ساعد الأسد على تقديم نفسه بأنه يخوض حربا ضد "الإرهاب".

 

وفيما كانت الفصائل المعارضة تطالب حلفاءها بسلاح ودعم عسكري، على غرار تدخل حلف شمال الأطلسي الجوي الذي ساعد المعارضة المسلحة الليبية على النيل من نظام القذافي، كان الغرب مرعوبا من تكرار تجربة ليبيا حيث بدأت الفوضى تتمدد.

 

الطائرات الأمريكية لن تحلق في سماء دمشق...

 

ومع استقطاب التنظيم المتشدد آلاف المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق المجاور بدءا من العام 2014، وتنفيذه هجمات دامية في دول عدة، انصب تركيز المجتمع الدولي بقيادة واشنطن على دعم الفصائل الكردية وحلفائها في مواجهة الجهاديين عوضا عن دعم خصوم الأسد.

 

وبات الأسد أكثر تيقنا من أن الطائرات الأمريكية لن تحلق في سماء دمشق بعد تراجع الرئيس السابق باراك أوباما عن تنفيذ ضربات عقابية إثر مقتل نحو 1400 شخص قرب دمشق في صيف 2013 جراء هجوم بغاز السارين اتهمت دمشق بتنفيذه. وانتهى الأمر باتفاق أمريكي روسي على تفكيك الترسانة الكيميائية السورية.

 

ويوضح الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي توما بييريه أن أوباما "انتخب على أساس وعد بالانسحاب من العراق، ولذلك ترددت إدارته في العودة إلى الشرق الأوسط" من بوابة سوريا.

 

ويضيف أن الإدارة الأمريكية "حددت مصالحها في المنطقة على نطاق ضيق وبطريقة انعزالية، أي مكافحة الإرهاب، ومن هنا تدخلها ضد تنظيم ’الدولة الإسلامية‘ وأسلحة الدمار الشامل".

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة