بغداد / سكاي برس
على وقع تفشي ظاهرة التسول في العديد من المدن والمحافظات العراقية، كشفت مستشارة رئيس الوزراء للرعاية الاجتماعية، سناء الموسوي، عن توجه حكومي لشمول المتسولين برواتب الرعاية التي تقدمها الدولة.
وفي تصريحات للموسوي، أكدت أن عدد المستفيدين من رواتب الرعاية الاجتماعية يبلغ حاليا 6.5 مليون مواطن.
وأشارت إلى أن رئيس الوزراء يولي اهتماما كبيرا لملف الرعاية الاجتماعية، إذ تم تقديم مقترح لشمول المتسولين برواتب الرعاية.
وأبرزت أن "عدد المشمولين بالرعاية يزداد شهريا، وقانون الرعاية حدد المشمولين بالرواتب، حيث يتم قطع الراتب عن الأسرة التي تصبح فوق خط الفقر، ولكن حجب رواتب الرعاية عن القادرين على العمل غير مطروح حاليا".
ولا توجد أرقام دقيقة حول عدد المتسولين في العراق، لكن تقارير وتقديرات المنظمات المدنية تشير لوجود عشرات الآلاف منهم، منتشرين في كبريات المدن كالعاصمة بغداد ومراكز المحافظات.
ويرى خبراء اجتماعيون أن المقترح الحكومي يمثل محاولة مهمة لمعالجة ملف التسول الذي يترتب على تفاقمه وبقائه بلا حلول جملة تحديات ومشكلات اجتماعية وأمنية، حيث أن معظم الشوارع والتقاطعات العامة مثلا في كبريات المدن تعج بالمتسولين، وخاصة من النساء والأطفال.
فيما يجادل آخرون بأن شمول المتسولين برواتب الرعاية، لا يعالج هذه القضية المجتمعية المزمنة، بل قد يزيدها تعقيدا حسبهم، حيث أن البعض قد يستفيد من راتب الإعانة الحكومية ويواصل امتهان التسول ولو خلسة.
يقول الخبير القانوني العراقي الدكتور محمد السامرائي، في حديث صحفي":
يعتبر التسول ظاهرة اجتماعية سلبية من جهة، كما أنه يعد جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي، رقم 111 لعام 1969، حيث تضمنت المادة 390 منه اعتبار التسول جريمة جنحة يعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على سنة، هذا بالنسبة للبالغين، أما الأحداث الذين يمارسون التسول فيتم إيداعهم في دور الإيواء والتشغيل، وهي بطبيعة الحال دون المستوى المطلوب.
يقع على عاتق الدولة كحكومة وبرلمان، اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة الإجرامية التي زادت وتيرتها، في ظل التساهل الحكومي في التعامل معها جزائيا، وعجز شبه تام من حيث عدم اتخاذ الاجراءات الادارية والاجتماعية والاقتصادية، لمنع الجنوح لها أو المتاجرة بها من قبل عصابات منظمة.
وهكذا فشمول المتسولين بأحكام وامتيازات الرعاية الاجتماعية، قد يحل جزءا بسيطا من هذه المشكلة المتجذرة اجتماعيا وليس بمجملها، كون المتسولين أو من يستثمر فيهم هم من المافيات، يجنون مبالغ طائلة تفوق ما ستمنحه الرعاية الاجتماعية لهم بأضعاف.
ويبقى الحل الأمثل هو تشديد العقوبات على ممارسي التسول وخصوصا التسول المنظم الذي تمارسه العصابات والمافيات، ومن جهة أخرى يجب تهيئة دور إصلاح وتأهيل وتشغيل وفقا للمواصفات الدولية والمعايير الإنسانية.
وكذلك زيادة التوعية بخطورة جريمة التسول مجتمعيا، وفتح آفاق لدعم المشاريع الصغيرة لتشغيل المشردين البالغين، ومناقشة سبل معالجة هذه الظاهرة مع المختصين في إطار البحث الاجتماعي والمعنيين بشؤون المجتمع ومنظمات المجتمع المدني، لإيجاد الحلول الناجعة للحد من تمادي ظاهرة التسول.
بدورها، تقول الناشطة المدنية والاجتماعية العراقية سارة جاسم، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية":
شمول المتسولين برواتب الرعاية الاجتماعية ليس حلا جذريا ولا منطقيا لظاهرة التسول، حيث أن أغلب المتسولين تقف خلفهم عصابات منظمة تستغل هذه الفئة من المجتمع، ويجب مكافحة هذه الشبكات المافياوية قبل وضع مثل هذه الحلول الجزئية لهذه الفئات التي تتعرض للاستغلال.
بالإضافة إلى أن الكثير من المتسولين اعتادوا على هذه الممارسة، والتي توفر لهم مبالغ خيالية تعوض مبلغ الرعاية الاجتماعية في يوم واحد فقط، ولهذا فالانتظار شهريا للحصول على هذا المبلغ لن يروه مجديا لهم.
لذا ينبغي أولا مكافحة من هم خلف انتشار هذه الظاهرة من مستغلي المتسولين ومبتزيهم، وكذلك توفير أماكن تأهيل وإرشاد لهم ومنح قروض تغنيهم عن ما كانوا يجنوه من التسول، وعزل الأطفال منهم للتمكين والتقويم والتعليم، ووضع قانون صارم لمعاقبة من يعود للتسول ثانية