بغداد/ سكاي برس
حظرت الحكومة العراقية، اعتبارا من الأحد، تطبيق تلغرام في البلاد مما منع ملايين المستخدمين من تشغيل التطبيق الذي اكتسب شعبية متزايدة بين العراقيين خلال الأعوام الماضية.
وفيما بررت الحكومة القرار بـ"مخاوف تتعلق بالأمن الوطني" والرغبة في "الحفاظ على سلامة البيانات الشخصية لمستخدمي التطبيق في البلاد"، قال خبراء أمن معلومات وصحفيون عراقيون إن التطبيق الذي يلعب دورا مهما في بيئة الاتصالات في البلاد، بدأ يسبب "صداعا حقيقيا" لأجهزة الأمن العراقية بسبب كمية البيانات التي تتسرب عبره.
لم يكن تطبيق تلغرام دائما "حسن السمعة" بالنسبة للعراقيين، كما يقول المهندس وخبير أمن المعلومات محمد المعموري ".
يشير المعموري إلى حوادث تكررت قبل أعوام لعمليات اختراق جماعية لمستخدمي تلغرام، ومن ثم ابتزازهم بصور ذات طبيعة حميمية أو شخصية من أجل الحصول على مقابل مادي، تحت ضغط التهديد بالنشر.
ويقول المعموري إن شعبية تطبيق تلغرام، والإحساس بالأمن الذي يوفره للمستخدمين جعل كثيرا من النساء يستخدمنه لتبادل صور خاصة مع صديقاتهن أو مع أحبائهن، خاصة أن البرنامج يمنح خاصية حذف الصور من الدردشة.
وبطريق الخداع، يحمل المخترق ضحيته على إرسال رموز المرور مما يمنحه السيطرة على حسابها وعلى الصور بداخله، ومن ثم يبدأ التهديد والابتزاز، وفقا للمعموري.
وفي مايو من هذا العام أعلن مركز الإعلام الرقمي العراقي حذف تطبيق تلغرام لنحو 40 قناة و"بوت" تستخدم لابتزاز النساء في العراق.
لكن إدارة التطبيق لم تستجب، وفقا لبيان وزارة الاتصالات العراقية، لطلبات مماثلة لحذف قنوات تقوم بنشر بيانات حساسة.
و خلال الأشهر الماضية تم الاطلاع على بعض تلك القنوات، حيث وزع بعضها بيانات أمنية تضمن بعضها أسماء ضباط وزارة الداخلية أو أسماء ضباط المخابرات، مع معلومات تعريفية مثل رقمهم العسكري أو حتى عناوين بعضهم.
ووزعت قنوات أخرى بيانات يبدو أنها مسربة من خوادم الأمن الوطني العراقي تحوي أسماء عناصر في تنظيم داعش، وأخرى لأسماء منتسبي الحشد الشعبي.
ويقول المعموري إنه تأكد من دقة بعض البيانات بنفسه.
ويضيف المعموري أن تسرب هذه البيانات يمكن أن يسبب خطرا أمنيا حقيقيا على الضباط وغيرهم، مستدركا بالقول إن "الجانب الثاني من المخاوف التي ذكرها بيان وزارة الاتصالات، والمتعلق بأمن معلومات المستخدمين للتطبيق لا يبدو واقعيا، لأن تلغرام من أكثر المواقع التي يمكن للمستخدم الوثوق بأمنها – في حال اتبع الطرق التكنولوجية الآمنة".
وأشارت وزارة الاتصالات في بيانها إلى أنها "طلبت مرارا من الشركة المعنية بإدارة التطبيق المذكور التعاون في غلق المنصات التي تتسبب في تسريب بيانات مؤسسات الدولة الرسمية والبيانات الشخصية للمواطنين، ممّا يشكل خطرا على الأمن القومي العراقي والسلم المجتمعي، إلا أن الشركة لم تستجب ولم تتفاعل مع أي من تلك الطلبات".
وامتنع موقع تلغرام من التعليق لرويترز بشأن الحظر، بحسب الوكالة.
وأصبح حظر تلغرام بسرعة أحد أكثر المواضيع المتداولة في مواقع التواصل العراقية.
يقول الصحفي العراقي أحمد السهيل إن هذا يرجع إلى أن التطبيق يعتبر نافذة مهمة للحصول على الأخبار في البلاد، حيث تمتلك أغلب المؤسسات الصحفية، ومنها وكالة الأنباء العراقية الرسمية، قناة تلغرام تقوم من خلالها بنشر تحديثات الأنباء.
لكن هذا ليس كل شيء، وفقا للسهيل أن تلغرام أصبح أيضا أداة مهمة للدعاية الحزبية والإيديولوجية للجهات المتصارعة في البلاد.
ويشير إلى "الضجة الكبيرة التي أثارها المؤيدون للجماعات الشيعية المسلحة" بعد الحظر، و"الانتقادات النادرة التي أصدروها لحكومة الإطار التنسيقي للقوى الشيعية" بعد توقف قنواتهم عن العمل.
ويؤكد السهيل أن تلك القنوات كانت تمنح تلك القوى كثيرا من النفوذ.
وطالب رئيس ائتلاف القانون، نوري المالكي، الحكومة بأن تفرق بين "القنوات الداعمة للدولة" وتلك التي "تحرض على الكراهية والعنف والتعدي على خصوصية الاخرين" خلال حظرها للتطبيق.
ونشرت مجموعة تسمى "فاطميون" على موقع إكس الذي كان يعرف سابقا بتويتر لقطات شاشة تشير إلى أن المجموعة "هاجمت خوادم وزارة الاتصالات" ردا على الحظر.
وتنشر المجموعة أنباء مؤيدة للجماعات الشيعية المسلحة بشكل دائم، لكنها لا تعلن عن ولائها أو الجهة التي تديرها.
كما تبنت المجموعة هجمات إليكترونية على مواقع شبكة الإعلام العراقي الرسمية وقالت إنها أخرجتها من الخدمة.
وقالت المجموعة إنها تقوم بهذه الهجمات "دعما لقنوات محور المقاومة". مع هذا، تبدو مواقع الوزارة الإليكترونية ومواقع شبكة الإعلام العراقي عاملة، حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
هل توقف تلغرام فعلا في العراق
أبلغ العديد من مستخدمي التطبيق عن توقف الخدمة في هواتفهم النقالة أو كومبيوتراتهم، لكن قنوات التلغرام لا تزال مستمرة بالنشر بشكل طبيعي كما يبدو.
وتتحدث أغلب قنوات التلغرام العراقية حاليا عن حظر التلغرام، من خلال منشورات على التلغرام نفسه، مما يشير إلى أنها لا تزال عاملة. بل أن بعض القنوات المعروفة تباهت بزيادة عدد متابعيها، بعد الحظر، ونشرت تلك القنوات توصيات باستخدام برامج في بي ان للتحايل على الحظر.
كما أن قنوات وزارات عراقية مثل وزارة الخارجية، وسياسيين مثل ائتلاف دولة القانون ونوري المالكي، لا تزال تعمل.