Skip to main content

حين يكون الدم العراقي رخيصًا.. لماذا تواطأ العرب مع الإرهاب ثم احتضنوا قادته؟

مقالات الخميس 20 آذار 2025 الساعة 21:55 مساءً (عدد المشاهدات 250)

سكاي برس/ بغداد 

مراد الغضبان بينما كنت أبحث في الأرشيف الصحفي، وقعتُ على عناوين صحيفة “القدس العربي” بين أعوام 2005 و2007، حين كانت المجازر اليومية في العراق تُبرَّر بوقاحة، وكان القتلة يُلقَّبون بـ”المجاهدين”، وتحولت الشاشات إلى منصات تمجيد للإرهاب، والمساجد إلى صناديق تبرع لتمويل سفك الدم العراقي.

لم يكن هذا مجرد خطاب تحريضي، بل كان مخططًا متكاملًا مدعومًا بالمال والإعلام، هدفه تدمير العراق تحت غطاء طائفي بغيض. لكن ما أثار غضبي أكثر، ليس فقط كيف تعامل الإعلام العربي مع هذه الجرائم، بل كيف تعاملت الدول العربية نفسها مع العراق بعد سقوط النظام.

بعد 2003، اتخذت حكومة الجعفري ثم حكومة المالكي الأولى قرارًا بإعادة فتح قنوات التواصل مع المحيط العربي، على أمل طي صفحة الماضي وبناء علاقات جديدة. لكننا كنا نواجه تجاهلًا مهينًا ومتعمدًا. في إحدى الدوائر المهمة التي كنت أعمل فيها حينها، كنا نطلب لقاءات مع رؤساء وملوك وأمراء عرب لرئيس الوزراء العراقي آنذاك، لكنهم لم يكونوا حتى يكلفون أنفسهم عناء الرد. كانوا يتعاملون مع العراق وكأنه بلد لا يستحق حتى المجاملة الدبلوماسية.

في بعض الأحيان، كنا نستعين بمكتب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن للضغط حتى نحصل على بعض اللقاءات، ومع ذلك، كانت لقاءات باردة، شكلية، بلا فائدة، بلا دعم مادي أو لوجستي، بلا حتى دعم إعلامي، وكأنهم ينتظرون موت العراق ليقيموا عليه العزاء.

بعد أكثر من 20 عامًا، نرى اليوم نفس الدول العربية التي حاصرت العراق تتزاحم لدعم حكومة أحمد الشرع في سوريا، رغم أنه محكوم عليه في الولايات المتحدة، وعليه مكافأة تتجاوز 10 ملايين دولار، ومتورط في قضايا إرهابية، بل ومسجون أكثر من مرة. وحتى بعض الساسة العراقيين طبلوا ورقصوا للرئيس السوري الجديد، وكشفوا عن الوجه الحقيقي لهم، وتناسوا ماذا فعل بالعراقيين من قمعٍ وقتلٍ وتهجير.

لماذا هذا التناقض الفاضح؟ لماذا عندما سقط نظام البعث في العراق، كان الرد العربي هو المقاطعة والحصار، بينما عندما سقط نظام البعث في سوريا، احتشدت الدول العربية والخليجية لدعمه؟ لماذا حين كان العراقيون يُذبحون يوميًا، كانت المنابر تُحرّض، والأموال تتدفق للإرهابيين، بينما اليوم تتدفق الأموال نفسها لدعم نظام سوري متهم بالإرهاب؟

هذه ليست سياسة، هذه ليست مصالح، هذه طائفية وقحة، مكشوفة، لا تحتاج إلى تفسير أو تحليل.

في العراق، أسقطنا ديكتاتورًا بعثيًا، فحاصرونا وخذلونا. في سوريا، سقط ديكتاتور بعثي آخر، فاحتضنوه وموّلوه. لماذا؟ لأن الحسابات ليست سياسية، بل طائفية.

أقولها بصراحة، لم يكن العراق يومًا جزءًا من المنظومة العربية، لأن هذه المنظومة لا ترى فيه سوى كيان يجب إضعافه، وتمزيقه، وإبقاؤه تحت السيطرة. كل تلك السنوات، كنا نُمنّي أنفسنا بأننا “إخوة”، بأننا “عمق عربي”، لكن الحقيقة كانت واضحة منذ اليوم الأول: حين يسقط العراق، لا يبكي عليه أحد، وحين يُقتل العراقي، لا يُنصفه أحد.

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء: 88].

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة