Skip to main content

هل هي مؤامرة لتشويه صورة اللبنانيين .. ام ان "المجاعة" بدأت في "لبنان" فعليا ؟!

عربية ودولية الخميس 02 تموز 2020 الساعة 12:59 مساءً (عدد المشاهدات 2595)

 

بغداد/ سكاي برس

صور البرادات شبه الفارغة ليست خدعة نظّمها مصوّرو وكالة "فرانس برس".

في تقرير نشر عبر وسائل الاعلام العربية يقول .. لقد وثقوا أحوال بعض العائلات اللبنانية في هذه الفترة الحرجة وهي بالتأكيد ليست "مؤامرة أمريكية لتشويه صورة اللبنانيين في الخارج"، كما تفترض مخيّلة نور 29 عاما التي توقفت أخيرا عن استيراد البضائع التركية وأقفلت متجر ملابس تديره في الضاحية الجنوبية لبيروت.

الصور تبقى صوراً: نوافذ مفتوحة. ومن خلالها، اكتشف بعض اللبنانيين كيف يكون الفقر في الصور. تبادلوا التعاطف مع بعضهم البعض، أمام الأفران، وفي طوابير الإذلال، حتى اضطروا إلى الاعتراف، أخيراً، بأن انزلاق فئات اجتماعية واسعة إلى القعر الذي شاهدوه في الصور لا يمكن تفاديه، طالما أن الانهيار الاقتصادي سيقودهم، بحصار خارجي أو بدونه، إلى مجاعة.

حسب التقديرات الأخيرة، أصبح أكثر من مليون ونصف مليون لبناني في وضع مادي في غاية الصعوبة، ما يتطلب تقديم مساعدات مالية وعينية لهم، في وقتٍ تخطى معدل البطالة 30% منذ مطلع عام 2019. وهذا يعني أن المجاعة المرتقبة قد تبدو أقرب إلى سوء تغذية حاد، يواكبه شح في مواد غذائية أساسية، سبق وأن حذرت من تداعياته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في نيسان الماضي.

ظاهرة إقفال الملاحم تنتشر من جنوب لبنان إلى شماله يعزو القصابون الإقفال "المؤقت" لمحالهم إلى ارتفاع أسعار المواشي وأسعار اللحم المستورد إلى مستويات غير مسبوقة. في حساباتهم، مستوردي اللحوم يشترون الدولار بالسعر المحدد من قبل نقابة الصرافين، أي بـ3900 ليرة للدولار كحد أقصى. لكن الطلب على الدولار أعلى بكثير من العرض. وبالنتيجة، يلجأ هؤلاء إلى السوق السوداء لتأمين الدولار، فينتج من ذلك تقلبات في أسعار شراء المواشي من الموزعين، وتالياً ارتفاع أسعار المبيع على المستهلكين، من دون أن نغفل أزمة فيروس "كورونا"، وتداعياتها على حركة الاستيراد والتصدير عموماً.

وحسب تصريح سابق لنقيب مستوردي اللحوم غابي دكرمجيان، توقف التجار الأجانب، وبسبب انكماش الاقتصاد العالمي، في الأساس، عن تسليم البضائع عن طريق البواخر، ما يعني أن أزمة اللحوم في لبنان قد تؤول، في نهاية المطاف، إلى تقليص شديد في استيراد المواشي، وتاليا حصر استهلاك اللحوم بفئات اجتماعية مقتدِرة نسبيا.

أزمة اللحوم أسست أيضاً لارتفاع أسعار المبيع في أسواق الدجاج والثمار البحرية، بعد توجه الناس لاستبدال اللحم الأحمر باللحم الأبيض. بيد أن هذا الارتفاع "لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال"، بحسب سناء، وهي ربة منزل خمسينية أخبرتها ابنتها، المغتربة في فرنسا، أن "قطاع الدواجن يجب أن يكون من القطاعات الأقل تضرراً".

والاستنتاج الأخير ليس متخيلا، ففي لبنان أكثر من 600 مزرعة دجاج تنتج حوالي 60 مليون فروج سنوياً، وفق آخر إحصاء أعدته النقابة اللبنانية للدواجن، ويفيد بأن الإنتاج المحلي يمكن أن يلبي كامل طلب السوق اللبنانية.

في أيار 2008، اتخذت الحكومة قراراً يقضي بخفض الرسوم الجمركية على استيراد الفروج الكامل والمقطع من 70% إلى 20%، في خطوة أسهمت مذّاك في ضرب القطاع. اليوم، يتحدث مزارعون صغار ومتوسطين عن توقف لبنان عن استيراد الدجاج، وخصوصاً البضائع البرازيلية المجمّدة والمزاحِمة للمحلي من حيث أكلافها المنخفضة، منذ تفاقم أزمة "كورونا".

ونظراً لشحّ المستورَد، كان يُفترض أن يستعيد هذا القطاع عافيته، إلا أن "كارتيلات الاحتكار التي تسيطر على 60 في المئة من السوق المحلية، أبرزها ‘هوا تشيكن’ و‘تنمية’، رفعت أكلاف الإنتاج بحجة ارتفاع تكلفة المعيشة"، حسب ما يشير أحد المزارعين في إحدى قرى عكار، في شمال لبنان.

في حين أن مصادر أخرى في النقابة أكدت أن "غياب دعم الدولة لتكاليف المحروقات والكهرباء سيؤدي حتماً إلى رفع كلفة الإنتاج"، ما يعني أن أسعار الدجاج قد تحلّق بدورها في القريب العاجل.

نقلت وكالة بلومبرغ عن بيانات صادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء، وهي إدارة رسمية، أن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 56.5% في أيار 2020، مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، بزيادة تقارب 10% عن نيسان من العام نفسه.

وحسب تقرير للوكالة، بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية نحو 190%، مقارنة بالعام السابق، في حين ارتفعت أسعار خدمات المطاعم والفنادق بأكثر بقليل من  240

هذا الأمر طبيعي في بلد يشكل القطاع الزراعي فيه 3% فقط من الإنتاج المحلي، بحسب بيانات "الإسكوا" (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا)، ويستورد أكثر من نصف احتياجاته من الغذاء.

وسط كل هذا التدهور، وأمام مصير أسود لا خلاص منه، ثمة مَن خرج أمام اللبنانيين ليقول لهم "لن تموتوا من الجوع". والمشكلة في الأساس تكمن في هذا الخطاب التطميني، الذي يختزل انهيار اقتصادي غير مسبوق، بمسألة جوع أو شح في بعض المواد الغذائية.

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة