بغداد / سكاي برس
دعا قادة دول الخليج في افتتاح قمتهم السنوية في الرياض الأحد 9 كانون الأول/ ديسمبر 2018 إلى الحفاظ على وحدة مجلس التعاون، الذي تعصف به أزمة كبرى دفعت بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتغيّب عن أعمال دورته المنعقدة في ظل حرب مستعرة في اليمن وقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 39 للقمة الخليجية: "قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاه لمواطني دول المجلس". وأضاف: "واثق أننا جميعا حريصون على المحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في المستقبل".
بدوره، دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح السعودية إلى وقف الحملات الإعلامية التي زرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا ليكون ذلك مقدمة لتهيئة الأجواء لحل الخلاف بيننا". كما طالب فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان بأن تتحوّل الدعوات لحماية المجلس "إلى واقع"، مضيفا "ندعو أن يحمي ربنا هذا المجلس وأن يوفّقه بكل خير".
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، متّهمة الدوحة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة. وتنفي قطر هذه الاتهامات، لكن النزاع مستمر منذ 18 شهرا ولم تظهر مؤشرات إلى قرب تسويته.
لا يشارك أمير قطر في قمة الدول الست الأعضاء في المجلس التي لا يتوقع أن تصدر عنها قرارات حاسمة، علما أنه تلقى دعوة من العاهل السعودي. ويترأس وفد قطر إلى القمة وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي. وكان أمير قطر حضر القمة السابقة التي عقدت العام الماضي في الكويت.
"حرقت سفن العودة"
استقبل العاهل السعودي رؤساء الوفود الذين وصلوا إلى الرياض، وهم نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير الكويت.
أما الوزير القطري فكان في استقباله وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار مدني، بحسب السلطات القطرية. وبثت القنوات السعودية مشاهد وصول الوفود الخليجية بشكل مباشر على الهواء باستثناء الوفد القطري.
يبدو الانقسام جليا في المجلس بين الدول التي تتّبع سياسة متشددة ضد طهران كالرياض وأبوظبي والمنامة، وتلك التي تقيم علاقات مع طهران مثل مسقط والكويت. وتسعى الدوحة أيضا إلى تعزيز علاقاتها بشكل أكبر مع طهران في ظل استمرار خلافها مع جاراتها والإجراءات العقابية التي اتّخذتها الدول الأربع بحقها والمتمثلة خصوصا في مقاطعتها اقتصاديا والعمل على محاصرتها تجاريا.
أعلنت قطر الأسبوع الماضي انسحابها من منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2019. من جانبه، قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن "قطر حرقت جميع سفن العودة، ولم يعد لديها أي سفينة من جهتها يمكن أن تعيدها إلى المجلس". وإلى جانب قطر والإمارات والسعودية والبحرين، يضم مجلس التعاون الخليجي الكويت وسلطنة عمان اللتين لا تزالان تقيمان علاقات مع الدوحة.
هدف واحد؟
تأتي القمة الخليجية بينما يواصل وفدا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، محادثاتهم التي بدأت الخميس في ريمبو في السويد برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإيجاد حل لنزاع أوقع أكثر من عشرة آلاف قتيل ودفع 14 مليون شخص إلى حافة المجاعة. وقال الملك سلمان إن السعودية تدعم "جهود الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية".
تقود السعودية بمشاركة الإمارات تحالفا عسكريا في البلاد دعما لحكومة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. وكانت قطر عضوا في التحالف قبل أن تنسحب منه.
أوقع النزاع في اليمن منذ آذار/ مارس 2015 أكثر من عشرة آلاف قتيل وتسبّب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة. وقد تشكلّ محادثات السلام الجارية أفضل فرصة حتى الآن لإنهاء الحرب المتواصلة منذ 2014، بحسب خبراء، مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخّل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
في الشأن السوري، دعا الملك سلمان إلى "حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويسهم في قيام حكومة انتقالية تضمن وحدة سورية وخروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية منها". وكرر اتهام إيران، التي تدعم النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وكذلك المتمردين في اليمن، باتباع "سياسة عدائية"، معتبرا أن هذا الأمر "يتطلب منا جميعنا الحفاظ على مكتسبات دولنا والعمل مع شركائنا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
تأتي القمة بينما تتعرض السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان لضغوط دولية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في اسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وأقرّت الرياض، بعد نفي طويل، بأنّ خاشقجي قتل داخل قنصليتها في اسطنبول. ولكنها سعت إلى إبعاد الشبهات عن الأمير محمد.
تستمر أعمال القمة في الرياض ليوم واحد فقط. وعشية افتتاح الاجتماع، وضعت أعلام الدول الست، وبينها قطر، في شوارع العاصمة السعودية إلى جانب لافتات ترحيبية بدول مجلس التعاون الذي يرى خبراء أن الأزمة مع الدوحة أضعفته بشكل كبير. وكتب على إحدى اللافتات "خليجنا واحد وهدفنا واحد".