متابعة/ سكاي برس
منذ تسنم دونالد ترامب رئاسة الجمهورية في امريكا لم يعترف بمثل هذا الشكل المباشر بخطأ الغزو الامريكي للعراق في عام 2003، وتحميل بوش الابن مسؤولية ذلك لما رافقها من خسائر كبيرة بشرية ومادية ,ترى ما الذي دفعه الى هذا (الاعتراف ) وفي مثل هذا الوقت؟
ويأتي هذا التصريح بالوقت الذي تتواجد فيه القوات الامريكية بقواعد ثابته في العراق، والذي تسبب بردود فعل رافضة على الصعيد السياسي والشعبي لاسيما بعد الجريمة التي ارتكبتها الطائرات الامريكية في مطار العاصمة بغداد باغتيال الشهيدين ابو مهدي المهندس والجنرال قاسم سليماني.
ويرى مراقبون للشان السياسي ان هنالك دوافع عديدة تقف وراء تصريح ترامب، لاسيما وانه وصفه قرار الغزو بـ”اسوء قرار في تاريخ الولايات المتحدة” على الرغم من ان واشنطن شنت جملة من الحروب على عشرات الدول ولم توصف بهذا التوصيف من قبل.!
وبهذا الشان يرى المحلل السياسي عقيل الطائي ان “ترامب ينظر الى قرار الغزو العسكري من ناحية اقتصادية كونه رجل اعمال، ولا يريد ان يورط قواته بحرب ليس له فيها ناقة ولا جمل، لاسيما وان امريكا خسرت “8” تريليون دولار خلال احتلالها للعراق، ناهيك عن مقتل الالاف من جنودها على يد المقاومة”.
ويضيف الطائي ان “ذلك الموقف هو تمهيد لانسحاب مجدول، ويدعم موقف وزير الخارجية مايك بومبيو حول الدعوة الى الاجتماع بين الجانبين (العراق وامريكا) في حزيران المقبل لبحث قضية التواجد الامريكي”.
ولفت الى ان “ترامب يبحث عن نصر انتخابي بعد الفشل المتواصل امام ايران وقوى المقاومة، ويريد كسب الراي العام الامريكي”.
كما يقول المحلل السياسي محمد المولى ان ” تصريح ترامب يدلل على ان امريكا تمر بمأزق كبير”، داعياً “فصائل المقاومة والحشد الشعبي والقوى السياسية الى النظر لرسم سياسة مستقبلية لعراق خال من القوات الامريكية”.
ويضيف ان ” امريكا لايمكن ان تبقى في العراق، لاسيما بعد انسحابها من سوريا، كونها تشعر بتهديد متواصل من قبل المقاومة وهي غير مستعدة لمزيد من الخسائر”.
وبهذا الجانب يرى المحلل السياسي قاسم الغراوي ان “امريكا خسرت كثيراً في الشرق الاوسط بفعل التحديات التي مرت بها، ووجود “الند” المتمثل بايران، وانحسار تحركاتها في مياه الخليج”.
ويضيف ان “تلك القوات فقدت شرعية وجودها لاسيما في العراق، بعد تصويت البرلمان بضرورة اخراج القوات الامريكية”.
ولفت الى ان “واشنطن مضطربة بسبب جائحة كورونا وما خلفته من مشاكل وركود اقتصادي وانخفاض اسعار النفط، بالاضافة الى استهداف معسكراتها في العراق، ناهيك عن منافستها من قبل الصين، هذا ما يجعلها تمر بمنعطف صعب”.
بينما يرى المختص بالشان القانوني د.مصدق عادل ان ” ترامب من خلال هذا التصريح يريد اعادة جسور الثقة مع العراقيين، او انه تصريح مجرد دعاية انتخابية مبكرة من اجل اظهار نجاح سياساته الاقتصادية السابقة والمستقبلية”.
الى ذلك يقول المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي ان “ترامب قد شعر بعمق المستنقع الذي وقعت فيه واشنطن، بعد مواقف فصائل المقاومة في العراق تجاه قواته”.
ويضيف ان ” الرئيس الامريكي يبحث عن الخروج من هذا المستنقع باقل الخسائر لاسيما وانه يضع نصب عينه قضية الانتخابات لذلك هو يبحث عن مبررات للانسحاب”.
كما يؤكد المحلل السياسي قاسم العبودي ان ” ترامب يريد مداعبة رغبات الناخب الامريكي حول مصير قواتهم في العراق”، مبيناً ان ” امريكا تعرضت لخسائر عديدة بسبب حربها على العراق، وترامب رجل اقتصاد وله حساباته الخاصة في موضوع الربح”.
ويضيف ان “ذلك الموقف هو مقدمة لانسحاب في المستقبل، لانها تريد الخروج من العراق بماء وجهها”.
من جهته يرى المحلل السياسي سعد الزبيدي ان “تصريح ترامب فيه دلالات كثيرة أهمها أن الحرب على العراق جاءت بنتائج عكسية وسلبية لم تكن مدروسة، منها خسارة نظام كان يقف بالضد من الجمهورية الإسلامية في ايران ويمنع التواصل بينها وبين الشيعة المتواجدين في سوريا ولبنان بصورة مباشرة”.
ويضيف انه “ربما فعلا كان قرار بوش الحرب على العراق قرارا خاطئا حيث سياسة الحرب بالوكالة وتحريك البيادق لم تجدِ نفعا اكثر من الحرب المباشرة مع عدو لم يكن في الحسبان” .
ولفت الى ان “ترامب في اكثر من مناسبة كان يلوح أن منطقة الشرق الأوسط ماعادت تهمه وبعد اكتشاف النفط الصخري لم تعد أمريكا أكبر مستورد النفط وربما ستصل إلى الاكتفاء الذاتي في الأعوام القادمة”.
وتوقع ان “تبقى أمريكا باساطيلها وستتمدد قواعدها حتى تشمل كل البلدان العربية من اجل دعم الحركات المتطرفة كالقاعدة وداعش لاستخدامها كورقة ضغط على الأنظمة وابتزازها “.
في الختام يرى مدير مركز “الاتحاد” للبحوث والدراسات الاستراتيجية محمود الهاشمي ان هذه ليست المرة الاولى التي يكرر فيها ترامب تحميل الرئيس الاميركي الاسبق بوش الابن مسؤولية احتلال العراق ،وذكر حجم الخسائر البشرية والمادية”.
ويضيف ان “توصيف ترامب الغزو للعراق بالاسوء يعود لعدة اسباب منها ان القادة الاميركان ادركوا حجم الخطر الذي يهدد مصير جنودهم الذين تعرضوا لضربات موجعة ولمرات عديدة، بالاضافة الى حجم الخسائر البشرية والمادية التي كلفت الميزانية الاميركية الكثير” .
ولفت الى ان “ذلك التصريح يدلل على الاستعداد الامريكي للانسحاب من منطقة الشرق الاوسط والتوجه نحو المحيط الهادي حيث الخطر الصيني”.
واشار الى ان “المخطط الاميركي فشل بزرع الفتنة بين فصائل المقاومة، ناهيك عن العداء الذي يكنه العراقيون للتواجد الاجنبي على ارضهم، وتعقيد المشهد السياسي والامني، بالاضافة الى اصرار المقاومة على موقفها والخشية على اي مواجهة مع الجيش الامريكي اسباب مجتمعة ستدفع واشنطن للانسحاب”.