Skip to main content

بشار الأسد: استراتيجية الهروب ومستقبل سوريا

تقاريـر الجمعة 13 كانون أول 2024 الساعة 16:43 مساءً (عدد المشاهدات 625)

خاص سكاي برس/ بغداد

وسط فصول معقدة من الحرب السورية التي أرهقت البلاد على مدار أكثر من عقد، بدأ الحديث عن إمكانية خروج بشار الأسد كحل يُنهي الصراع أو يُعيد ترتيب التحالفات. هذه الرواية ارتبطت بفكرة استراتيجية للهروب، تضمنت تحركات خفية ودبلوماسية مكثفة بمشاركة قوى إقليمية ودولية.

الأسد الذي كان رمز النظام وجد نفسه أمام خيارين: القتال حتى النهاية، أو الخروج الآمن، وكلاهما رافقتهما حسابات معقدة وضغوط متشابكة. بدأ الحديث عن مغادرة الأسد حين اشتدت ضربات المعارضة المسلحة وتمكنت من السيطرة على مناطق واسعة في سوريا، مع استمرار الدعم الإقليمي والدولي لها، لا سيما من الولايات المتحدة ودول الخليج.

في نفس الوقت، كانت إسرائيل تراقب المشهد بعيون حذرة، تكثف ضرباتها الجوية ضد أهداف عسكرية سورية وإيرانية. الهدف الواضح كان إضعاف النظام السوري وتقويض النفوذ الإيراني في المنطقة. لكن بالنسبة للأسد، الأمر تجاوز هذه الضربات ليشمل ضغوطاً متزايدة من حلفائه المقربين، بما في ذلك روسيا وإيران، حيث بدأت موسكو بدفعه للتفكير في خيار الخروج لحماية مصالحها الاستراتيجية.

أستراتيجية الهروب

خطة خروج بشار الأسد لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة تراكم الأحداث، بدءًا من فشل النظام في استعادة السيطرة الكاملة على سوريا، مرورًا بتزايد الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مراكز عسكرية حساسة ومستودعات أسلحة استراتيجية داخل سوريا، وصولًا إلى الدعم المحدود الذي بدأ يظهر من حلفائه التقليديين، مثل إيران.

المفاوضات المتعلقة بخروجه، وفق التقارير، تمت في موسكو بمشاركة أطراف دولية. روسيا قدمت ضمانات للأسد، تضمنت حماية عائلته والمرافقين له، وتأمين إقامتهم في موقع آمن بعيدًا عن الملاحقات الدولية. إيران، من جهتها، وافقت على هذه الخطوة بشرط الحفاظ على نفوذها في سوريا بعد خروجه، وهو ما تحقق جزئيًا من خلال تمكين حلفائها المحليين، خاصة حزب الله اللبناني.

الشخصيات المرافقة للأسد

رافق الأسد في هذه الاستراتيجية مجموعة من الشخصيات المؤثرة في النظام، بينهم شقيقه ماهر الأسد، الذي يعتبر القائد الفعلي للفرقة الرابعة والمسؤول عن الكثير من العمليات العسكرية داخل سوريا. إضافة إلى ماهر، تضمنت قائمة المرافقين أسماء مثل اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني، واللواء جميل حسن، مدير المخابرات الجوية، بالإضافة إلى عدد من المستشارين السياسيين والعسكريين. العدد الإجمالي للمرافقين بلغ حوالي 25 شخصًا، شملوا أفرادًا من العائلة ومستشارين كبارًا.

الأموال المنقولة

بحسب تقارير متعددة، نقل الأسد وعائلته ثروة ضخمة معه إلى روسيا. هذه الثروة، التي تتراوح بين النقد والذهب والأصول، كانت جزءًا من مخزون النظام الذي أُعد خلال سنوات الحرب. عملية النقل تمت عبر شركات روسية وإيرانية لتجنب تعقبها دوليًا.

المعارضة والفراغ السياسي

خروج الأسد خلق فراغًا سياسيًا استغلته المعارضة السورية لتعزيز سيطرتها على بعض المناطق. لكن غياب القيادة الموحدة لدى المعارضة أعاق إمكانية تحقيق تحول سياسي كامل في سوريا، مما جعل البلاد تدخل مرحلة جديدة من التنازع على السلطة.

دور الدول الإقليمية

الدور التركي

كانت تركيا التي كانت خصمًا للنظام السوري، تعاملت مع الموقف بحذر. هدفها الرئيسي كان ضمان أمن حدودها ومنع قيام كيان كردي مستقل في شمال سوريا. لذلك، سعت لتأمين تفاهمات مع روسيا بشأن مناطق النفوذ في الشمال السوري.

الدور الإسرائيلي

إسرائيل كانت من أكبر المستفيدين من خروج الأسد، إذ كثفت عملياتها العسكرية في سوريا لضمان عدم صعود أي تهديد جديد. التركيز الإسرائيلي كان ينصب على تدمير البنية التحتية العسكرية المرتبطة بإيران وحزب الله داخل سوريا.

الدور الإيران

إيران، التي كانت أحد أهم داعمي الأسد منذ بداية الأزمة، وجدت نفسها في موقف صعب مع خروج الأسد. على الرغم من الدعم المستمر، بدأ نفوذ إيران يتضاءل نسبيًا أمام الحضور الروسي المتزايد. لضمان بقائها في اللعبة السورية، اعتمدت إيران على حلفائها المحليين مثل حزب الله والميليشيات الشيعية لتعويض غياب الأسد.

الدور الروسي

روسيا، التي ظلت داعمة للأسد منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015، بررت دعمها له بالحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. مع اشتداد الضغط الدولي، بدأت موسكو بممارسة ضغوط خفية على الأسد للقبول بخيار الخروج، خاصة مع تقدم المعارضة في مناطق شمال وجنوب البلاد. في النهاية، تبلورت الصفقة على أن يخرج الأسد مع عائلته ومجموعة من ضباطه الكبار إلى روسيا مقابل ضمان الحماية القانونية وعدم ملاحقته قضائيًا.

الدور الأمريكي والخليجي

الولايات المتحدة لعبت دورًا خلف الكواليس، حيث دعمت حلفاءها في المعارضة وسعت إلى تأمين صفقة خروج الأسد دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر. دول الخليج، من جانبها، دفعت باتجاه حل سياسي يضمن إضعاف النفوذ الإيراني والسماح بعودة سوريا إلى الحاضنة العربية.

النتائج المحتملة

خروج الأسد لم يكن مجرد انسحاب شخصي، بل أعاد تشكيل المشهد السوري بالكامل. المعارضة السورية استفادت من الفراغ السياسي لتحقق تقدمًا على الأرض، بينما استمرت روسيا في لعب دور الضامن الأساسي للنظام الجديد. إيران، من جانبها، ركزت على تعزيز نفوذها من خلال الميليشيات الحليفة، في حين بقيت الولايات المتحدة وإسرائيل تراقبان الوضع وتعملان على منع صعود أي تهديد جديد.

مستقبل سوريا بعد الهروب

سوريا ما بعد الأسد تواجه تحديات كبيرة، منها إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وضمان التوازن بين مختلف القوى الإقليمية والدولية المتصارعة على الأرض. بينما يظل المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات، والسيناريوهات تراوحت بين تفكك النظام إلى أجنحة متصارعة، أو إعادة بناء الدولة من خلال تسوية سياسية شاملة,و يبدو أن استراتيجية الأسد في الهروب أعادت ترتيب الأوراق لكنها لم تنه الأزمة السورية. بل فتح الباب أمام جولات جديدة من الصراع. . ،

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة