سكاي برس/ بغداد
ذكرت وكالة "رويترز" الإخبارية، نقلاً عن مصادر عراقية عدة، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لم يتمكن من إقناع الفصائل المسلحة المنضوية في إطار "المقاومة"، بالتوقف عن شن الهجمات على إسرائيل، ما قد يجر البلاد إلى الصراع الإقليمي المتفاقم، ويهدد سياسة التوازن التي يحاول السوداني خلقها بين علاقته بكل من طهران وواشنطن. و
أوضح التقرير الإخباري، أن العراق يتابع بقلق الحملات المدمرة التي تشنها إسرائيل في غزة ولبنان، ويعمل على تجنب استدراجه إلى الصراع الإقليمي المتصاعد، في ظل تنفيذ جماعات مسلحة مدعومة من إيران هجمات ضد إسرائيل من أراضيه، في وقت قال التقرير إن العراق يشهد استقراراً نسبياً مع تزايد عائدات النفط التي تساهم في تمويل برامج تطوير الخدمات العامة.
وفي حين لفت التقرير إلى خشية حكومة السوداني من تأثير الصراعات الإقليمية على توازنها الدقيق بين واشنطن وطهران اللتان يتحالف معهما العراق، ذكر بما قاله موقع "أكسيوس" الأمريكي أمس الخميس بأن الاستخبارات الإسرائيلية تتوقع لجوء إيران إلى شن هجوم على إسرائيل انطلاقاً من الأراضي العراقية قبل حلول موعد الانتخابات الأمريكية في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وأشار التقرير إلى أن توسع الصراع الإقليمي تسبب بتبادل الهجمات بين الفصائل العراقية المدعومة من إيران وبين القوات الأمريكية المتمركزة في العراق والمنطقة، وهي هجمات لم تخمد حدتها سوى بعد تدخل من إيران في شباط/ فبراير الماضي.
ونقل التقرير عن 4 مصادر في الفصائل المقربة من إيران ومستشارين حكوميين قولهم إن جهود حكومة السوداني لم تفلح في إقناع "المقاومة الإسلامية في العراق"، بوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل.
وبحسب هذه المصادر، فإن زيارتين قام بهما مسؤولون أمنيون عراقيون كبار إلى إيران خلال الشهرين الماضيين، فشلتا، مشيرين إلى أن هؤلاء المسؤولين العراقيين كانوا يسعون للحصول على مساعدة من طهران لكبح جماح الفصائل المتحالفة معها. ونقل التقرير عن مسؤول أمني عراقي بارز مطلع على تفاصيل هاتين الزيارتين قوله إن "الوفد العراقي حظي باستقبال فاتر في طهران.
والجواب كان: هذه الجماعات تملك قرارها والأمر عائد إليها لكي تقرر كيفية دعم إخوانهم في لبنان وغزة".
وبحسب هذه المصادر نفسها، فإن بغداد لجأت لاحقاً إلى واشنطن طالبة منها التدخل لدى إسرائيل لمنعها من الرد على الهجمات التي قتل في إحداها جنديان إسرائيليان وأصيب أكثر من 20 آخرين في 4 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في الجولان، والتي كانت المرة الأولى التي يعلن فيها عن وقوع قتلى بسبب مثل هذه الهجمات.
ونقل التقرير عن مسؤول في وزارة الخارجية العراقية قوله إن "واشنطن أبدت تفهما لما يمكن أن ينتج من عواقب لأي ضربة إسرائيلية في العراق وتعهدت بالمساعدة".
كما قالت 4 مصادر في الفصائل إن كتائب حزب الله، وحركة النجباء، حذرتا السوداني من الضغط عليهما لوقف هجماتهما وتعهدتا بمواصلة العمليات طالما أن إسرائيل مستمرة بهجماتها في غزة ولبنان.
وبحسب "رويترز"، فإن هذه القضية أثارت انقساماً داخل أحزاب الائتلاف الحاكم المتعاطفة مع القضية الفلسطينية وتعتبر إسرائيل عدواً، إلا أنه يوجد خلافات بين بعض أطرافها حول حجم انخراط العراق في المواجهة الإقليمية.
ونقل التقرير عن النائب الشيعي أحمد الكناني، قوله إن قادة الشيعة بحثوا مخاطر تداعيات هجمات الفصائل على إسرائيل والرد الإسرائيلي المحتمل خلال اجتماعين عقدا في شهر تشرين الأول: أكتوبر الماضي.
وبحسب 4 نواب من الشيعة، فإن بعض القيادات البارزة في الائتلاف الشيعي يعتبرون أن وقوع مواجهة مباشرة مع إسرائيل، ستخلق نتائج عكسية قد تلحق الضرر بالعراق. ونقل التقرير عن مستشار رئيس الحكومة عبد الأمير تعيبان قوله إن هذه الجماعات التي تمتلك سلاح المسيرات والصواريخ "بمقدورها الذهاب إلى غزة ولبنان لمحاربة إسرائيل بدلاً من دفع العراق إلى التهلكة".
كما نقل التقرير عن محمد الشمري، وهو رئيس مؤسسة "سومر" للأبحاث التي تتخذ من بغداد مقراً لها، قوله إن الصراع الإقليمي المتفاقم قد يجر الأطراف الشيعية في العراق، وكثير منها تتمتع بتسليح قوي، إلى مواجهة لم يكن لدى الكثيرين رغبة في خوضها.
وبحسب الشمري، فإن هذه الأحزاب تجد نفسها "بين خيار الالتزام بقرارها بالنأي بالعراق عن المواجهة، وبين التزاماتها الإيديولوجية والسياسية تجاه الشيعة في لبنان ومحور المقاومة في ظل العدوان الإسرائيلي الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء"، مضيفاً أنه في حال تفاقمت المواجهة فإن ذلك قد لا يعني استمرار شن هجمات على أهداف إسرائيلية فقط، وإنما قد يقود أيضاً إلى انخراط أكبر لفصائل أخرى في عمليات أكبر وأكثر تعقيداً.