بغداد / سكاي برس
تعرض قرار اخراج القوات الامريكية من العراق والذي صوت عليه البرلمان امس الاحد ، رداً على ضربة أمريكية أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، فجر الجمعة، الى العديد من الانتقادات من خبراء قانونيين وامنيين فضلا عن سياسيين.
( نبذة عن حقيقة الامر )
اشار الخبير والمستشار القانوني فاضل محمد جواد بصفته احد مفوضي الجانب الامريكي لابرام الاتفاقية الى ان " العراق لم يوقع عام 2008 على اتفاقية امنية مع الولايات المتحدة الامريكية وانما ( اتفاقية سحب قوات الولايات المتحدة الامريكية من العراق وتنظيم وجودها المؤقت ) .
وذكر ان هذه الاتفاقية قد انتهى مفعولها بمغادرة اخر جندي امريكي بتاريخ 31 / 12/ 2011 واصبح عندها العراق يحتفل بيوم السيادة .
كما استغرب الخبير فاضل جواد من مطالبة بعض السياسيين والبرلمانيين والاعلاميين الى الغاء ( الاتفاقية الامنية ) التي لا وجود لها .
لافتاً الى "ان العراق قد وقع في نفس الوقت على اتفاقية الإطار الاستراتيجي للتعاون بين العراق والولايات المتحدة الامريكية، وهي لا تعتبر اتفاقية بالمفهوم القانوني حيث لا تتضمن أية التزامات على الطرفين وإنما مجرد أهداف وتوجهات عامة للتعاون في مجالات محددة، وهي قابلة للإنهاء بطلب من اي من الطرفين، وليس في هذه الاتفاقية أية احكام تسمح للولايات المتحدة الامريكية إرسال قوات الى العراق او استخدام أراضيه او أجواءه ، ويمكن لحكومة العراق التقدم بمشروع قانون الى مجلس النواب لإنهاء العمل بهذه الاتفاقية ويكون الإنهاء نافذا بعد سنة من تبليغ حكومة الولايات المتحدة بالقرار".
( الانتقادات والتصريحات القانونية الموضحة والرافضة له )
اعتقد خبراء قانونيون، أن تصويت البرلمان العراقي، الأحد، لصالح قرار " يلزم الحكومة العراقية بإنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية لأي سبب كان، ليس له أي أثر قانوني، مشككين بإمكانية تنفيذه ".
وافاد بعض من خبراء القانون " إن مجلس النواب ليس من صلاحياته أن يصدر قرارات سياسية وإنما مهمته إصدار التشريعات والقوانين، ولذا فإن القرار الصادر اليوم هو في حكم التوصية أو الاقتراح.
واضافوا، " أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال أي أن مهمتها تسيير الأمور اليومية للبلد وليس اتخاذ قرارات بإلغاء الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية ".
ولفت الخبير القانوني العراقي طارق حرب إلى أن قرار البرلمان ليس له أي أثر قانوني لأنه لم يقيد تنفيذه بزمن وترك الأمر للحكومة، وهو أمر أشبه بمسرحية هزلية من أجل امتصاص الغضب.
واضاف "أن رئيس البرلمان لم يوضح عدد المصوتين وعدد من قالوا نعم وعدد من قالوا لا، كما أنه كان يجب إصدار قانون وليس قرار".
وانتقد رئيس حزب الشعب فائق الشيخ علي من جلسة مجلس النواب، قائلا إن "قرار البرلمان لا يعني شيئا وليس ذا أثر قانوني أو سياسي".
( قرار مربك وانفعالي ولا اساس له )
اكد الخبير فاضل جواد "ان المطالبات بإلغاء الاتفاقية الأمنية او إصدار قانون لإخراج القوات الامريكية من العراق ليس له سند من القانون ، لانه أصلا لا توجد اتفاقية أمنية كما أشرنا سابقا، كما لم يصدر قانون من مجلس النواب بالسماح للقوات الامريكية بالتواجد على الاراضي العراقية حتى يصدر قانون بإخراج القوات الامريكية من العراق، وان كل ما هو موجود هي ترتيبات حكومية عراقية والامر يعود لها في الطلب وفِي اي وقت تشاء بانهاء تواجد أية قوات أمريكية او غيرها سبق وان طلبت او سمحت بدخولها الى العراق".
اعتبر فائق الشيخ علي القرار بمثابة "استعراض فارغ وتهديدات جوفاء لمنفعلين ينعون أنفسهم للعالم"، واصفا الجلسة بأنها "حضور مهين ومسيء بحق هذه المؤسسة المهمة".
وأشار رئيس المجموعة العراقية للسياسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي ، إلى " إرباك قانوني. هل قرار البرلمان يتعلق بالتحالف الدولي أم اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين حكومتي العراق والولايات المتحدة؟".
وأضاف أن "قرار إخراج القوات الأجنبية المتواجدة في العراق كان يحتاج إلى قرار حكومي وليس قرارا من البرلمان".
ويشير محللون إلى أن مصدر الإرباك في قرار البرلمان يكمن في أن القوات الأميركية كانت قد جاءت بناء على دعوة من الحكومة العراقية التي سمحت للتحالف الدولي منذ 2014 بالقتال على الأراضي العراقية للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، فضلا عن أن هناك اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تم توقيعها في 2008 بين الرئيس الأميركي جورج بوش الابن ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وتم تفعيلها في 2011 بعد انسحاب القوات الأميركية بكاملها في 2011.
ويرى محللون أن قرار البرلمان كان " انفعاليا وعاطفيا ومتسرعا، بعد ضغط إيراني ومن قادة الميليشيات العراقية الموالية لإيران، لأنه سيكون له تداعيات كبيرة على الأمن القومي العراقي" .
( عدد قوات الامريكية في العراق )
ويقدر عديد القوات الأميركية الموجودة في العراق، منذ 2014 ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش بنحو 5000 جندي.
( الخسائر الناجمة عن اخراج القوات الامريكية )
وقبل تصويت البرلمان على قرار إخراج القوات الأجنبية من العراق، أعرب نواب عراقيون عن قلقهم من تداعيات خروج القوات الأميركية من العراق، ووجه أحدهم أسئلة إلى عبد المهدي حول ما إذا كانت القوات العراقية قادرة على حفظ الأمن في العراق وضمان عدم عودة تنظيم داعش الذي استطاعت قوات التحالف هزيمته، وما إذا كانت الحكومة العراقية تضمن أن دول الجوار لن تتسيد العراق حين تخرج القوات الأجنبية من البلاد، في إشارة إلى إيران.
يرى الخبير في الشؤون الاستراتيجية واثق الهاشمي أن القوات العراقية ستفقد التدريب والاستشارات والغطاء الجوي خصوصا، لدينا مشكلة في الغطاء الجوي، فطائرات F-16 التي لدينا لا تكفي لسد احتياجاتنا، قواتنا تحتاج إلى تدريب ومعدات".
فيما يؤكد المحلل الأمني حسين علاوي، أن العراق " سيخسر كثيرا إذا انسحبت القوات الأجنبية ".
ويضيف أن " العراق سيخسر من ناحية المعلومات الاستخبارية ومن ناحية الاستطلاع العمي".