سكاي برس/ بغداد
وصل العراق إلى منتصف شهر تشرين الثاني، لكن إلى الآن ما تزال الأمطار قليلة، وهذا يعد "تطوراً خطيراً"، بحسب الخبير في مجال المياه، عادل المختار.
وقال المختار، لوكالة شفق نيوز، إن "الشيء المفرح وجود خزين مائي بحدود 15 مليار متر مكعب، ولا زالت الإيرادات تأتي من تركيا على نهر دجلة، كما يلاحظ هناك زيادة في الإيرادات على نهر الفرات وهذا تطور جيد لوضع الفرات، ونأمل استمراره رغم الجفاف وشحة الأمطار".
ورجح المختار، أن "الوضع المائي لهذا الشتاء والموسم الصيفي المقبل سيكون مطمئناً، لكن بانتظار أمطار غزيرة أسوة بالشتاء الماضي التي وصلت إيراداته أكثر من 50 مليار متر مكعب وتمت زراعة مساحات كبيرة، لذلك نأمل أن تكون أمطار الموسم الشتوي غزيرة لتلافي جفاف فصل الصيف المقبل".
ويعاني العراق من شح في المياه منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب "حرب المياه" التي تشنها دول المنبع، إلى جانب قلة هطول الأمطار والثلوج ما أدى إلى تناقص الخزين المائي في السدود والبحيرات والخزانات المائية في البلاد.
وبلغت الأزمة ذروتها في السنوات الأربع الأخيرة حتى ضرب الجفاف نهريّ دجلة والفرات وأدى إلى ظهور قاع النهر في بعض المناطق وتراجع مساحات واسعة من الأهوار والمسطحات المائية، ونتج عنه نفوق أعداد كبيرة من المواشي وانحسار كبير في المساحات الزراعية. لكن المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية، محمد الخزاعي، رأى أن "كميات الأمطار لهذا الموسم لا بأس بها، وأن الخطة الشتوية التي أُقرت تمت المباشرة بها، ولا يوجد فيها تقليص أو زيادة".
ونبه الخزاعي، خلال حديثه للوكالة، إلى أن "مجموع الخطة الشتوية لمحصول الحنطة 4 ملايين و800 ألف دونم بين سيحي وأراضي صحراوية، ومليون و50 ألف دونم بساتين، و200 ألف دونم شعير".
وتعتمد مصادر المياه في العراق على ذوبان الثلوج وعلى الأمطار المتساقطة في حوض النهر في دول المنبع المشاركة المائية (تركيا وإيران)، وفق الخبير المائي، تحسين الموسوي.
ولفت الموسوي، خلال حديث له ، إلى أن "العراق يعيش حالياً مرحلة الفقر المائي، والتوقعات تشير إلى انحسار أكثر من 30 بالمائة من الأمطار المتساقطة في حوض دول المنبع خلال عام 2025، وهذا يعني أن موجة الجفاف ستستمر".
وأوضح أن "العراق في مرحلة حرجة للاجهاد المائي للموسم الخامس على التوالي، حيث إن الواردات التي تصل من دول المنبع لا تكفي للاستهلاك لذلك يلاحظ تقليص الخطة الشتوية، في ظل وجود ضغط شعبي من قبل الفلاحين والمزارعين على وزارة الموارد المائية، وإلى جانب الضغط الشعبي هناك ضغط سياسي وصراع بين المحافظات المتضررة".
ورأى الموسوي، أن "العراق لم يصل إلى حلول استراتيجية لحد الآن، بل كل الحلول الحالية هي آنية ووقتية وهذه بدأت تتحول إلى خطط استراتيجية ما عقّد المشهد وزاد من مشاكل المياه، ورغم كل التحذيرات الدولية في ظل التغير المناخي والتصحر لكن الحكومة لم تجد لها حلولاً بل تعتمد على حلول السماء".
وعن الأمطار المتوقعة لهذا الموسم، بين مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية العراقية، عامر الجابري، أن "الأمطار الخفيفة والمتوسطة عادة تبدأ بداية شهر تشرين الثاني، لكن في بعض الأحيان يحصل ضعف في المنخفضات الجوية ما يؤدي إلى تراجع نسب الأمطار".
وأضاف الجابري، أن "العراق يتأثر حالياً بمنخفض ضئيل شرق البحر المتوسط وهذا يحمل أمطاراً خفيفة، لكن نأمل أن تكون أمطار هذا الموسم وفق المعدلات العامة".
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية، أعلنت في آب 2024، إبرام عقد مع ائتلاف شركتي هايدرونوفا الإيطالية والكونكورد الأردنية لغرض "تأمين مستقبل مائي مستدام وتطوير أنظمة الري ومعالجة تأثير التغير المناخي على الأنهار"، دون الكشف عن كلفته المالية. وفي تموز 2024، أطلقت الأمم المتحدة في العراق، بالشراكة مع وزارة الموارد المائية العراقية حملة مهمة تحت شعار "الماء حياة" لمواجهة أزمة المياه الحادة التي تواجه العراق.
ووفق بيان للأمم المتحدة، ورد حينها، تهدف حملة التوعية، التي تستمر لعام كامل وتحمل عنوان "الماء حياة - كل قطرة مهمة"، إلى رفع وعي المواطنين العراقيين بالوضع الحرج الذي تمر به مواردهم المائية، وتعزيز شعورهم بالمسؤولية للتخفيف من حدة هذه الأزمة.
وستنظم حملة "الماء حياة" من خلال أربع مراحل خلال العام المقبل؛ حيث ستركز المرحلة الأولى على رفع مستوى الوعي حول أزمة المياه وآثار تغير المناخ، أما المرحلة التالية فسيتم خلالها التعريف باللاعبين الرئيسيين المشاركين في إدارة موارد المياه في العراق، وتعزيز الشعور بالمسؤولية والتعاون. وستعرض المرحلة الثالثة المشاريع والجهود الحالية التي تبذلها الحكومة العراقية ووكالات الأمم المتحدة، مع تسليط الضوء على النجاحات والمبادرات الجارية.
أما المرحلة النهائية فستنظر نحو المستقبل، وتحدّد الخطط والاستراتيجيات لمواصلة معالجة أزمة المياه وتسليط الضوء على مشاركة العراق في المحافل الدولية والجهود المبذولة لتأمين الدعم والتمويل لمشاريع المياه، بحسب البيان. وأكد البيان أن حملة "الماء حياة" تمثل "جهداً موحداً تقوم به وكالات الأمم المتحدة والحكومة العراقية لمعالجة واحدة من أكثر القضايا التي تواجه البلاد إلحاحاً، ويمكن من خلال هذه الحملة تحقيق تقدم كبير في الحفاظ على المياه وإدارتها، بما يضمن تحقيق مستقبلٍ مستدام وأفضل لجميع العراقيين
