Skip to main content

السيطرة الأمريكية على النظام الدولي من خلال التحكم بالطاقة والزراعة: هيمنة الشركات الكبرى على النفط والقمح وتأثيرها على السياسة الدولية

تقاريـر الخميس 30 كانون ثاني 2025 الساعة 17:09 مساءً (عدد المشاهدات 460)

سكاي برس/ بغداد

بقلم: مراد الغضبان

تُعد الولايات المتحدة الأمريكية من القوى العالمية التي تهيمن على مجالات عدة تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي والسياسات الدولية، وأبرزها في مجالي الطاقة والزراعة.

فكما تسيطر الولايات المتحدة على أسواق النفط من خلال شركاتها الكبرى، فإنها تتحكم أيضًا في أسواق القمح، وهو ما يمنحها أدوات استراتيجية واسعة لفرض هيمنتها السياسية والاقتصادية على مختلف دول العالم، بما في ذلك دول الشرق الأوسط.

من خلال التحكم في أسواق الطاقة والموارد الغذائية الأساسية مثل القمح، تستطيع الولايات المتحدة التأثير في السياسات الدولية، وبخاصة في المنطقة العربية.

تعتبر الشركات الأمريكية الكبرى في قطاع النفط والغاز والزراعة من العوامل الرئيسية التي تحدد مسار السياسة الأمريكية، وتأثيرها يتجاوز حدود الاقتصاد ليشمل القرارات السياسية، وحتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

تتداخل هذه الشركات بشكل وثيق مع استراتيجيات الحكومة الأمريكية، حيث تلعب دورًا حاسمًا في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العديد من الدول، بما في ذلك الدول العربية.

هيمنة الشركات النفطية الكبرى

على رأس الشركات التي تسيطر على أسواق النفط، هناك سبع شركات تُعرف عادة بالشركات النفطية “الشقيقة”، التي تمثل القوة الاقتصادية الكبرى وراء سياسة الولايات المتحدة في قطاع الطاقة.

هذه الشركات، والتي تتمتع بميزانيات ضخمة وأرباح هائلة، تساهم بشكل كبير في تشكيل السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية. ومن أبرز هذه الشركات:

1. إكسون موبيل (ExxonMobil): تُعد إكسون موبيل من أكبر شركات النفط في العالم، وتبلغ ميزانيتها السنوية حوالي 290 مليار دولار. تعمل الشركة في العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك دول الخليج العربي والعراق. تأثير إكسون موبيل في السياسة الأمريكية يتعدى المعاملات التجارية ليشمل قرارات الطاقة والاقتصاد على المستوى الداخلي والخارجي.

2. شيفرون (Chevron): تبلغ إيرادات شيفرون السنوية أكثر من 250 مليار دولار. تتواجد في العديد من أسواق النفط العالمية، وخاصة في العراق ودول الخليج. بفضل قوتها الاقتصادية، تلعب شيفرون دورًا كبيرًا في تحديد السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، حيث تسهم في صنع القرار السياسي الأمريكي بشأن الطاقة في المنطقة.

3. كونوكو فيليبس (ConocoPhillips): تعمل كونوكو فيليبس في قطاع النفط والغاز، وميزانيتها تتجاوز 150 مليار دولار. تمثل الشركة قوة اقتصادية بارزة في أسواق النفط في الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق، حيث تساهم في تقنيات التنقيب والإنتاج.

4. بريتش بتروليوم (BP): على الرغم من كونها شركة بريطانية، إلا أن تأثير BP في السياسة الأمريكية كبير، حيث تعمل في العديد من أسواق النفط في العراق ودول الخليج، وتقدر ميزانيتها السنوية بحوالي 180 مليار دولار.

5. شِل (Shell): تهيمن شِل على أسواق النفط العالمية مع ميزانية سنوية تقدر بحوالي 200 مليار دولار. تعمل في العديد من الدول العربية، بما في ذلك العراق والسعودية، ولها تأثير بارز في السياسة الأمريكية تجاه الطاقة.

6. توتال (Total): شركة توتال الفرنسية، رغم أنها ليست أمريكية، فإنها تلعب دورًا كبيرًا في أسواق النفط العالمية، وميزانيتها السنوية تقدر بحوالي 140 مليار دولار. تعمل في العراق ودول الخليج، حيث تؤثر في السياسة الأمريكية بشكل غير مباشر من خلال علاقاتها الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط.

7. إيني (Eni): إيني الإيطالية هي إحدى الشركات الكبرى في قطاع النفط، وميزانيتها تقدر بحوالي 120 مليار دولار. لديها حضور قوي في العراق ودول الخليج، مما يعزز تأثيرها على السياسة الأمريكية بفضل تعاونها مع الشركات الأمريكية في المنطقة.

تأثير الشركات الكبرى على السياسة الأمريكية

من خلال ميزانياتها الضخمة وأرباحها السنوية التي تتجاوز التريليونات من الدولارات مجتمعة، تُعتبر هذه الشركات عناصر حيوية في السياسة الأمريكية. هذه الشركات لا تقتصر فقط على أن تكون محركات اقتصادية بل هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية الطاقة الأمريكية. من خلال سيطرتها على أسواق النفط في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، تتمكن هذه الشركات من توجيه السياسات النفطية بما يخدم مصالحها، مما يؤثر بشكل مباشر في السياسة الأمريكية تجاه هذه الدول.

تأثير الشركات الكبرى على الانتخابات الأمريكية

تدخل هذه الشركات أيضًا في السياسة الأمريكية من خلال دعم الحملات الانتخابية. شركات النفط الكبرى تعتبر من أكبر الممولين للحملات الرئاسية في الولايات المتحدة، مما يعزز من مكانتها في التأثير على القرارات السياسية. دعم هذه الشركات يمكن أن يكون محوريًا في فوز مرشحي الرئاسة، حيث تُعتبر هذه الشركات من الداعمين الرئيسيين للمرشحين الراغبين في تبني سياسات تصب في مصلحة الصناعة النفطية الأمريكية.

الهيمنة الأمريكية على أسواق القمح

إلى جانب النفط، تتحكم الولايات المتحدة أيضًا في أسواق القمح العالمية من خلال شركاتها الكبرى مثل كارجيل وبونج، اللتين تُعتبران من الشركات الرائدة في تجارة القمح.

تتحكم هذه الشركات في نسبة كبيرة من إنتاج وتوزيع القمح في العالم، مما يتيح للولايات المتحدة أن تظل المصدر الأساسي للقمح في العديد من الدول، وخاصة في العالم العربي. في الواقع، تستخدم الولايات المتحدة صادرات القمح كأداة استراتيجية للهيمنة على الاقتصاد العالمي.

من خلال التحكم في صادرات القمح، تضمن الولايات المتحدة أن العديد من الدول، بما في ذلك الدول العربية، تعتمد بشكل كبير على واردات القمح الأمريكي. وبالتالي، لا يمكن لهذه الدول أن تصبح مكتفية ذاتيًا في مجال الزراعة، مما يعزز التبعية الاقتصادية لها.

الضغط الأمريكي على الدول العربية لعدم زراعة القمح محليًا

من خلال المساعدات الزراعية وتدابير أخرى، ضغطت الولايات المتحدة على العديد من الدول العربية لعدم التوسع في زراعة القمح على أراضيها. على سبيل المثال، في مصر والعراق، كانت هناك محاولات لتوسيع الإنتاج المحلي من القمح، لكن الولايات المتحدة اعتمدت على استراتيجيات من بينها فرض الدعم المالي المشروط، لضمان استمرار استيراد القمح الأمريكي.

هذه السياسة كانت تهدف إلى إبقاء الدول العربية في حالة اعتماد دائم على القمح الأمريكي، مما يساهم في تعزيز الهيمنة الأمريكية على أمن الغذاء في المنطقة.

الحاجة إلى القمح في الدول العربية

تُظهر الإحصائيات أن معظم الدول العربية تعتمد بشكل كبير على واردات القمح، حيث أن الإنتاج المحلي لا يكفي لتلبية احتياجاتها السنوية. على سبيل المثال، تُعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تستورد حوالي 10 ملايين طن من القمح سنويًا.

وفي العراق، تستورد البلاد أكثر من 4 ملايين طن من القمح سنويًا، على الرغم من محاولاتها المستمرة لزيادة الإنتاج المحلي. تكشف هذه الأرقام عن حجم الاعتماد الكبير على القمح الأمريكي، مما يعكس هيمنة الولايات المتحدة على أسواق القمح في المنطقة.

هدف الولايات المتحدة من الهيمنة على أسواق القمح

الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة من الهيمنة على أسواق القمح هو ضمان بقاء الدول العربية في حالة تبعية غذائية مستمرة. من خلال تصدير القمح بشكل أساسي إلى هذه الدول، تضمن الولايات المتحدة أن تكون هذه الدول دائمًا في حاجة إليها، مما يعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة.

هذه الهيمنة على الأمن الغذائي تُعتبر جزءًا من استراتيجيات أكبر تهدف إلى بسط القوة الاقتصادية والسياسية الأمريكية على المستوى العالمي. إن السيطرة الأمريكية على النظام الدولي لا تقتصر فقط على النفط والطاقة، بل تشمل أيضًا قطاع الزراعة، خاصة في ما يتعلق بزراعة القمح.

من خلال الشركات الكبرى التي تهيمن على أسواق النفط والقمح، تظل الولايات المتحدة قوة مؤثرة في السياسة الدولية، مما يعكس قوتها الاقتصادية والجيوسياسية على الساحة العالمية. وتستمر هيمنتها على أسواق الطاقة والغذاء كجزء من استراتيجياتها لضمان استمرار نفوذها في العالم العربي وعلى المستوى الدولي.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة