Skip to main content

نقص الأدوية وفوضى الأسعار.. هل فشلت الرقابة الرقمية في إنهاء أزمة الدواء في العراق؟

تقاريـر الثلاثاء 25 شباط 2025 الساعة 14:49 مساءً (عدد المشاهدات 85)

سكاي برس/ بغداد

يُعد ملف الأدوية في العراق من أكثر الملفات الشائكة، رغم المبالغ الطائلة التي تُنفق على قطاع الصحة، إلا أن العديد من المشكلات لا تزال تعيق وصول الدواء للمواطنين، أبرزها اختفاء بعض الأدوية من الصيدليات وسحب أخرى بشكل مفاجئ، واستبدالها بأدوية من شركات مختلفة.

في عام 2023، أطلقت وزارة الصحة تطبيق "كوديا" كأول نظام رقمي لتتبع الأدوية وإصدار اللواصق الطبية إلكترونياً، بهدف تحقيق الأمن الدوائي، وتعقب مسار الأدوية من دخولها العراق وحتى وصولها للمستهلك، إضافة إلى مكافحة الغش والتهريب وتعزيز الرقابة الدوائية.

ورغم ذلك، لا تزال المشكلات قائمة، حيث يعاني المواطنون من نقص بعض الأدوية، ما يثير التساؤلات حول مدى فاعلية الرقابة الرقمية في الحد من الأزمة.

مشكلة قديمة

وفي هذا الصدد، أكدت لجنة الصحة والبيئة النيابية، أن "مشكلة انقطاع الأدوية ليست جديدة، بل تعود لعقود طويلة".

وأشار عضو اللجنة موحان الساعدي، في حديثه لوكالة محلية، إلى أن "سحب الأدوية يتم غالباً في القطاع الخاص وليس الحكومي، والسبب الرئيس في ذلك هو عدم وجود منظومة متكاملة لمراقبة المتوفر والمفقود من الأدوية، إلى جانب عدم انتظام استيراد الأدوية عبر شركة كيماديا".

وحول تسعير الأدوية، أوضح الساعدي، أن "لجنة الصحة تابعت هذا الملف مع وزارة الصحة"، مبيناً أن "نسبة الأدوية المسعرة حالياً تجاوزت 70%، مع استمرار مراقبة الأدوية منتهية الصلاحية في القطاع الخاص، فيما يتم إتلاف الأدوية الفاسدة في القطاع الحكومي وفق الإجراءات القانونية".

كما شدد الساعدي، على أن "استيراد الأدوية يخضع لشروط صارمة، منها ضرورة تسجيل الدواء لدى وزارة الصحة قبل منحه إجازة الاستيراد، وإجراء فحصه في مركز الرقابة الدوائية"، مؤكداً عدم "وجود احتكار للأدوية، إذ يمكن لأي جهة تستوفي الشروط المحددة من وزارة الصحة استيراد الأدوية".

أدوية تختفي

في حين، أرجع أسامة هادي حميد، المتحدث باسم نقابة الصيادلة العراقيين، أسباب اختفاء بعض الأدوية إلى توقف الشركات المصنعة عن إنتاجها، أو عدم ملاءمة أسعارها للمستهلك العراقي، أو ظهور بدائل أكثر فعالية.

وقال حميد، في حديث للوكال، إن "بعض الأدوية تُسحب من السوق بعد اكتشاف آثار جانبية لها بعد الاستخدام"، موضحاً أن "نقابة الصيادلة شريك أساسي في تحقيق الأمن الدوائي، وتحرص عبر فرقها التفتيشية على مراقبة التزام الصيدليات بالقوانين والتأكد من عدم تداول أدوية غير مسجلة أو مهربة".

تذبذب توفر الأدوية

وتعاني الأسواق العراقية من انقطاع بعض الأدوية الأساسية، خاصة أدوية الالتهاب الرئوي عند الأطفال، وأمراض القلب، والأمراض المزمنة، فضلاً عن الأدوية المتعلقة بأمراض "الصرع" والسرطان وغيرها.

وكان دواء "الفنستيل" المضاد للإنفلونزا والرشح والحساسية للأطفال قد انقطع لعدة أشهر، قبل أن يعاود الظهور مؤخراً.

وأكد الصيدلي كامل حسن، في حديثه له، أن "سحب الدواء من السوق أمر روتيني، وغالبًا ما يكون بسبب وجود مضاعفات جانبية أو سوء الاستخدام"، مشيراً إلى أن "أكثر الأدوية التي يتم سحبها هي أدوية القلب والمفاصل".

أزمة البدائل الدوائية

من جهتهم، شكا أطباء من صعوبة إقناع المرضى بتناول أدوية بديلة بعد انقطاع الأدوية التي اعتادوا عليها. وقال الطبيب أكرم كريم، اختصاصي الباطنية في بغداد، إن "المرضى يطرحون الكثير من الأسئلة حول سبب اختفاء الدواء وما إذا كان البديل فعالًا بنفس الدرجة، مما يشكل تحدياً للأطباء".

في غضون ذلك، كشف مصدر خاص في وزارة الصحة، أن "بعض المكاتب العلمية المستوردة تتعمد حجب الأدوية عن الصيدليات والمذاخر الطبية لفترة، ثم تطرحها مجددًا بأسعار مرتفعة".

وتحدث المصدر، قائلاً إن "بعض شركات تصنيع الأدوية تقلل إنتاج الأدوية الرخيصة، ما يدفع إلى تصنيعها محلياً، في حين تركز الشركات الكبرى على إنتاج الأدوية الباهظة لتحقيق أرباح أكبر". كما لفت المصدر، إلى "دخول أدوية مهربة من بعض المنافذ دون فحص أو رقابة، ويتم بيعها بأسعار منخفضة، مما يفسر التفاوت الكبير في أسعار الأدوية بين الصيدليات".

معاناة المواطن

هذا ويعاني المواطنون من التفاوت الكبير في أسعار الأدوية، حتى في الصيدلية الواحدة. وذكرت المواطنة سهى عبد الأمير، صاحبة الـ 30 عاماً، في حديثها، إنها عندما تذهب لشراء دواء لطفلها تجد أن سعره قد تضاعف خلال أيام قليلة، مشيرة إلى أنها اشترت دواءً بسعر 3 آلاف دينار، وعادت بعد خمسة أيام لتجده بـ7 آلاف دينار، دون الحصول على تفسير واضح من الصيدلية.

وبالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، فإن معاناتهم لا تتوقف عند ارتفاع الأسعار، بل تمتد إلى انقطاع الأدوية بشكل متكرر. وقال مهدي صاحب، وهو مريض بارتفاع ضغط الدم، إنه كان يستخدم حبوب "تربتيزول" بانتظام، لكنها اختفت من السوق لفترات طويلة، ما اضطره للبحث عن بدائل.

أوضح صاحب، أن "الدواء يدخل في علاجات الاكتئاب، لكنه يُستخدم أيضاً كمنوم من قبل البعض دون وصفة طبية، مما يؤدي إلى سحبه بين الحين والآخر".

ويبقى ملف الأدوية في العراق تحدياً كبيراً يواجه المواطنين، إذ يعانون من انقطاع الأدوية وتفاوت أسعارها، إضافة إلى عدم استقرار سوق الدواء، رغم الجهود الحكومية لإدخال أنظمة رقابية مثل "كوديا".

ومع استمرار هذه الأزمة، تتطلب الحلول إجراءات رقابية صارمة، وتطوير منظومة استيراد الأدوية، وتعزيز الإنتاج المحلي، لضمان توفير الأدوية الأساسية للمواطنين بأسعار عادلة ومستقرة.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة